.png)
DOWNLOAD
يرجع قول السلف في الصفات الخبرية إلى منهجهم في التعامل مع الآيات والأحاديث التي تصف الله بصفات مثل: اليد، الوجه، العين، القدم، الاستواء على العرش، النزول، المجيء، ونحو ذلك. يُطلق عليها "خبرية" لأن طريق إثباتها هو الخبر الصادق (النصوص الشرعية)، وليس مجرد العقل.
منهج السلف في الصفات الخبرية
يمكن تلخيص منهج السلف (وهم الصحابة والتابعون ومن تبعهم بإحسان من الأئمة الأوائل) في النقاط التالية:
-
الإثبات بلا تحريف ولا تعطيل:
- الإثبات: يؤمنون ويثبتون لله تعالى كل ما أثبته لنفسه في كتابه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته.
- بلا تحريف: لا يقومون بتغيير لفظ النص أو معناه عن ظاهره الذي يدل عليه في اللغة العربية، فلا يقولون مثلاً: "اليد" تعني "القدرة" أو "النعمة" وحسب، بل يثبتون له يدًا حقيقية تليق بجلاله.
- بلا تعطيل: لا ينفون هذه الصفات عن الله تعالى، ولا يُعطلون دلالتها.
-
التكييف بلا تمثيل ولا تشبيه:
- بلا تكييف: لا يسألون "كيف؟" ولا يتخيلون هيئة أو كيفية لهذه الصفات، لأن كيفية صفات الله تعالى غيب لا يعلمه إلا هو. لا نقول: "كيف يده؟" أو "كيف استواؤه؟"
- بلا تمثيل ولا تشبيه: يؤكدون أن إثبات هذه الصفات لا يعني تشبيه الله بخلقه، فـ"ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" (الشورى: 11). يثبتون الصفة لله تعالى على الوجه الذي يليق بكماله وجلاله، مع اعتقاد أن يده ليست كأيدي المخلوقين، وأن استواءه ليس كاستواء المخلوقين. فالاشتراك في الاسم لا يلزم منه الاشتراك في الكيفية أو الحقيقة.
-
التفويض في الكيفية:
- يثبتون المعنى الظاهر للصفة (مثل إثبات صفة اليد أو الوجه)، لكنهم يفوضون علم الكيفية إلى الله تعالى وحده. فالمعنى معلوم، والكيف مجهول.
- قال الإمام مالك رحمه الله حين سُئل عن قوله تعالى: "الرحمن على العرش استوى": "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة." وهذه القاعدة الذهبية تُطبق على سائر الصفات الخبرية.
-
الابتعاد عن التأويلات الفلسفية والكلامية:
- كان منهج السلف هو الأخذ بظاهر النصوص دون الخوض في تأويلات بعيدة أو استخدام مناهج فلسفية دخيلة لتفسير هذه الصفات، معتقدين أن هذا يؤدي إلى التعطيل أو التشبيه الخفي.
- اعتمدوا على أن النص القرآني والسنة النبوية جاءت بلسان عربي مبين، وأن معناها الأول هو المقصود، وأن الله تعالى خاطبنا بما نفهم.
أمثلة على تطبيقات منهج السلف
- صفة اليد: يثبتون لله يدًا تليق به، كما في قوله تعالى: "بل يداه مبسوطتان" (المائدة: 64)، وقوله: "مما عملت أيدينا أنعامًا" (يس: 71). ولا يُؤولونها بالقدرة أو النعمة فقط، مع إيمانهم بأن يده ليست كأيدي المخلوقين.
- صفة الوجه: يثبتون لله وجهًا، كما في قوله تعالى: "ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" (الرحمن: 27). ولا يُؤولونه بالذات فقط.
- صفة الاستواء: يثبتون استواء الله على العرش، استواءً يليق بجلاله، كما في قوله تعالى: "الرحمن على العرش استوى" (طه: 5). ويرفضون تأويلها بالاستيلاء أو السيطرة، مع تأكيدهم على عدم تكييف الكيفية.
- صفة النزول: يثبتون نزول الله إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل، نزولًا يليق بجلاله، كما ورد في الحديث الصحيح. ولا يؤولونه بنزول أمره أو رحمته.
خلاصة
خلاصة قول السلف في الصفات الخبرية هو الإيمان بها على ظاهرها اللائق بجلال الله وعظمته، بلا تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل. هذا المنهج يعكس أقصى درجات الأدب مع نصوص الوحي، والتسليم لما جاء عن الله ورسوله، مع تنزيه الله عن مشابهة المخلوقين.
هل تود معرفة المزيد عن الفرق بين منهج السلف والخلف في الصفات؟
.jpg)
